بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي الديمقراطية؟ :
الديمقراطية هي حكم الشعب نفسه بنفسه ويتحقق عن طريق انتخاب سلطتين تشريعية وتنفيذية ويحدد صلاحيات وحقوق وواجبات كلا السلطتين دستور أو قانون عام ربما يختلف في بعض الجزئيات بين مكان وآخر بحسب القيم والتقاليد السائدة في المجتمع ورغم أن هذه الأيدلوجية قديمة جدا فقد وصل لنا ما كتبه أفلاطون عنها قبل آلاف السنين إلا إنها لم تطبق على ارض الواقع وبشكل قريب من حقيقة الفكر المطروح في الديمقراطية إلا في أمريكا بعد حرب التحرير أو الانفصال التي خاضها الشعب الأمريكي والذي غالبيته من الإنكليز ضد البلد المحتل أو الأم إنكلترا ولعل الأفضل أن اترك القلم هنا لواحد من أفراد الشعب الأمريكي ولعالم من علماء أمريكا الديمقراطية هو مارتن دودج ليصف لنا الديمقراطية في منبع الديمقراطية الحديثة حيث يقول ( جاءت الديمقراطية لان الناس أرادوا أن يعيشوا أحراراً …. ولم تفد علينا الديمقراطية الأمريكية من تلقاء نفسها بل كان مجيئها نتيجة جهاد وكفاح إنها تجعل من الأفراد سادة أنفسهم …... إنها تقدم ألينا الكثير من الفرص .. بل إنها تلقي بالمسؤوليات على كاهل كل فرد في المجتمع .. ثم إنها تمد الطريق إلى مالا نهاية له من تقدم وفلاح .. ثم يقول .. إن النظام الذي درجنا عليه في أمريكا هو من صميم المذهب الديمقراطي الذي لم تحيَ في ظل نظام سواه ولذا فإننا نميل إلى التسليم بصلاحيته . ولقد غاب عن بالنا أن الديمقراطية سلخت دهراً طويلاً في سبيل تكوينها ولم تستكمل نشأتها إلا بعد جهاد استمر مئات السنين . ثم جاءتنا أخيراً لأننا صممنا أن نعيش أحراراً ولأننا نمقت أن نساق جماعات جماعات من مكان إلى آخر وفكرة الديمقراطية تتلخص في أن يحكم الناس أنفسهم دون أن يكونوا رعايا خاضعين مستعبدين ذلك لأن الناس لهم المقام الأول والصدارة , ثم تليهم في المرتبة الثانية السلطات الحاكمة .
وفي ظل النظام الديمقراطي يحكم المجتمع نفسه اجل نفسه ويتبوأ الناس أهم المراكز أما السلطات فإنها تصبح خطيرة متى أسبغنا عليها هذا الوصف وإذا تقصينا هذه الفكرة في تاريخ الإنسانية لم نر لها وجوداً مطلقاً ذلك أن الناس كان يحكمهم ملوك أو أباطرة أو دكتاتوريون وهؤلاء يمنحون رعاياهم حقوقاً ضئيلة وامتيازات فردية تافهة دون أن يكون لهؤلاء الرعايا صوت أو تمثيل في الحكومة القائمة فلم يكن لهم هناك حرمة أو درع أو وقاية .
بل كانت تفرض عليهم الضرائب الفادحة ويقبض عليهم بل يعدم أفرادهم لمجرد إشارة أو خاطر طارئ .
وأول ما نشأت الديمقراطية في اليونان ولكن جذورها وهي أهم ما في عصرنا الحالي نبتت في إنجلترا منذ سبعة قرون حين وقع الملك جون دستور ( الماجنا كارتا ) في سنة 1215 ولم يكن يرغب في ذلك من صميم فؤاده لأنه شعر أن فيه تسليماً واعترافاً بقيام قوة أخرى إلى جانبه تملك بين يديها السلطان .
والمعروف أن رؤساء الدول وأعضاء الهيئات الحاكمة يرفضون التنازل عن جاههم وسلطانهم الذي استحوذوا عليه بل يتشبثون به خشية أن يفلت من بين أيديهم .
أما الديمقراطية فإنها تنص على أن قوة السلطان يجب أن تكون في أيدي الشعب .
ومنذ أن تم التوقيع على الماجنا كارتا وقعت في إنجلترا أحداث متعاقبة استمرت زهاء الأربعة قرون . ولقد كانت العملية بطيئة , ولكنها انتهت إلى إقرار النظام البرلماني هناك , عندما وقف السير أدوار كوك في مجلس العموم في مستهل القرن السابع عشر , ونادى في جرأة منقطعة النظير بعدم قانونية بعض المراسيم الملكية لمخالفتها للدستور , وأنها أصبحت غير ملزمة التنفيذ .
وهكذا كانت إنكلترا مهدا للديمقراطية . غير إنها لم تمنح مستعمراتها الأمريكية مثل هذا الامتياز وظلت تعامل سكانها كقطيع من السائمة .
وألهبت القيود التي فرضت على المستعمرات من قوة الكفاح في سبيل الحرية , بدلاً من أن تقضي عليها . وكان هذا , كما نعرف جميعاً , السبب الذي شبت من اجله نار الثورة الأمريكية التي أسفرت عن قيام أقوى دولة في العالم الحديث هي : الولايات المتحدة الأمريكية . ولقد اقترن قيامها بتقوية دعائم المذهب الديمقراطي عند ( إعلان الاستقلال ,والدستور , والملحقات المتصلة به والمعروفة بوثيقة حقوق الإنسان ).
وإننا نعترف أننا لم نصل بعد إلى إمكان قيام ( حكومة كاملة رشيدة ) . وعلى الرغم من ذلك ,فما ظنك في أمر سعادتنا .. ؟
وفي حرياتنا ؟
وفي تقدمنا ورقينا ؟
وفي مستوى رخائنا ؟
وفي كياننا الصحي , وسلامة وجودنا المادي والمعنوي مما نحن مدينون به لنظامنا الديمقراطي ؟
إننا نضع هذا كله أمام كل قارئ ليتدبره ويقدره ويزنه .
فإن أساليب الحكم التي نتبعها لم تصل إلينا عفواً , بل وصلنا إليها نحن بعد جهد ولآي .
ويختم كلامه فيقول : وفي كل خطوة نخطوها تمهد لنا الديمقراطية الطريق إلى فلاح لانهائي , وذلك بتسهيل الوصول إلى حياة ممتعة سعيدة أبداً لكل فرد من أنصارها , جزاءً وفاقاً لهم على مجهوداتهم الفردية .) أعرف مذهبك مارتين دودج
ولابد لكل مفكر منصف أن يعترف أن المذهب الديمقراطي قد هزم جميع المذاهب السياسية الأخرى فكرياً قبل أن يهزمها على أرض الواقع السياسي في أوربا وفي بعض دول أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا وذلك لان جميع تلك المذاهب تتفرع عن حقيقة واحدة هي تفرد جماعة او فرد بالسلطة وتنصب هؤلاء الجماعة أو الفرد والفكر الشاذ عادة الذي يحملونه كآلهة تشرع وتسن القوانين وعلى الشعب أن ينفذ دونما اعتراض والمضحك المبكي إن كثير من الأنظمة الحاكمة الدكتاتورية والفاشية تدعي اليوم أنها ديمقراطية وتنظم استفتاءات أو بيعات أو انتخابات صورية لتثبت أنها ديمقراطية وهذا أعظم دليل على هزيمة جميع الأنظمة الحاكمة أمام المذهب الديمقراطي ولهذا أخذوا يغازلونه وأخذ الجميع يدعي وصل ليلى أو على الأقل يدعي أنه سائر على هذا الطريق. وحتى المذاهب الفكرية الدينية أخذت اليوم تغازل المذهب الديمقراطي ويدعي أصحابها الديمقراطية وهؤلاء مع الأسف كالحمامة التي أخذت تقلد الغراب لأنة أكبر حجماً فلم تعد حمامة ولم تصبح غراباً .
ولا أرى اليوم مذهباً يقارع الديمقراطية الحجة بالحجة ويطرح فكراً رصيناً أهلا لأن يتبع ويصنف كند فكري حقيقي للديمقراطية إلا مذهب المصلح المنتظر الموجود في الديانة اليهودية ويمثله إيليا وفي الديانة المسيحية ويمثله عيسى المسيح (ع) وفي الديانة الإسلامية ويمثله المهدي (ع) . كما إنه موجود في ديانات أخرى كمصلح منتظر دون تحديد شخص معين