مشروعيته : والاعتكاف سنة في رمضان وغيره من أيام السنة ، والأصل في ذلك قوله تعالى " وأنتم عاكفون في المساجد " ، مع توارد الأحاديث الصحيحة في اعتكافه صلى الله عليه وسلم ، وتواتر الآثار عن السلف بذلك ، وهي مذكورة في المصنف لابن أبي شيبة وعبد الرزاق. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف آخر العشر من شوال ، وأن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ؟ قال : " فأوف بنذرك " (فاعتكف ليلة) رواه الشيخان وابن خزيمة ، والزيادة للبخاري في رواية كما في " مختصره " (995) وأكده في رمضان لحديث أبي هريرة : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما " رواه البخاري وابن خزيمة في صحيحهما. وأفضله آخر رمضان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل (رواه الشيخان).
شروطه : ولا يشرع إلا في المساجد لقوله تعالى : " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد " البقرة 187 ومن شروطه
لا يخرج إلا لحاجته التي لابد له منه
ولا يعود مريضا
ولا يمس امرأته
ولا يباشرها
ولا اعتكاف إلا في مسجد الجماعة لكي لا يضطر للخروج منه لصلاة الجمعة، لقول عائشة في رواية عنها في حديثها السابق : " … ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع " رواه البيهقي بسند صحيح.
ما يجوز للمعتكف : ويجوز له الخروج منه لقضاء الحاجة ، وأن يخرج رأسه من المسجد ليغسل ويسرح. قالت عائشة رضي الله عنها : " وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه وهو (معتكف) في المسجد ، (وأنا في حجرتي) فأرجله ، وفي رواية فأغسله وإن بيني وبينه لعتبة الباب وأنا حائض ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة (الإنسان) ، إذا كان معتكفا " رواه الشيخان وابن أبي شيبة وأحمد. ويجوز للمعتكف وغيره أن يتوضأ في المسجد لقول رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم : فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وضوءا خفيفا رواه البيهقي بسند جيد وأحمد (5/364) مختصرا بسند صحيح. وله أن يتخذ خيمة صغيرة في مؤخرة المسجد يعتكف فيها ، لأن عائشة رضي الله عنها كانت للنبي صلى الله عليه وسلم جباء إذا اعتكف ، وكان ذلك بأمره صلى الله عليه وسلم " وراه الشيخان من حديث عائشة. ".. واعتكف مرة في قبة تركية على سدتها حصيرة " وهو طرف من حديث لآبي سعيد الخدري ، رواه مسلم وابن خزيمة في صحيحهما وهو مخرج في صحيح.
إباحة اعتكاف المرأة زيارتها لزوجها في المسجد : ويجوز للمرأة أن تزور زوجها وهو فى معتكفه ويودّعها إلى باب المسجد لقول صفية رضى الله عنها : " كان النبى صلى اللة عليه وسلم معتكفا فى المسجد فى العشر الأواخر من رمضان فأتيتة أزوره ليلا وعنده أزواجه فرحن فحدثته ساعة ثم قمت لأنقلب فقال لا تعجلى حتى أنصرف معك فقام معى ليقلبنى وكان مسكنها فى دار أسامة بن زيد حتى إذا كان عند باب المسجد الذى عند باب أم سلمة فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلىالله عليه وسلم أسرعا فقال النبى صلى الله عليه وسلم : على رسلكما إنها صفية بنت حيى فقالا سبحان الله يارسول الله .. قال إن الشيطان يجرى من الإنسان مجرى الدم وأنى خشيت أن يقذف فى قلوبكما شرا أو قال شيئا " أخرجه الشيخان ، وأبو داود. بل يجوز لها ان تعتكف مع زوجها أو لوحدها لقول عائشة رضى الله عنها : " اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة" وفى رواية أنها أم سلمة من أزواجه فكانت ترى الحمزة والصفرة فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلى. وقالت أيضا : " كان النبى صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكفت أزواجه من بعده " قلت وفية دليل على جواز اعتكاف النساء أيضا ولا شك أن ذلك مقيد بإذن أوليائهن بذلك ، وأمن الفتنة والخلوة مع الرجال للأدلة الكثيرة في ذلك ، والقاعدة الفقهية : درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. ويبطله الجماع لقوله تعالى " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد " وقال ابن عباس : " إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه ، واستأنف " رواه ابنأبي شيبة (3/92) وعبد الرزاق (4/363) بسند صحيح. ولا كفارة عليه لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه " وسبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، استغفرك وأتوب إليك ". وصلى الله علي محمد النبي الأمي ، وعلى آله وصحبه وسلم.