[td dir=rtl width="35%"]
اعلم أخي الكريم أن للتوبة ثلاثة شروط مهمة حتى تتوب من أي ذنب بينك وبين الله تعالى يجب أن تحقق هذه الشروط:
أولاً : الإقلاع عن الذنب : إذ لا معنى للتوبة مع كونك مازلت مستمرا على ذنبك مصرا عليه .
ثانياً: الندم على هذا الذنب : ويتضح هذا من تضايقك من هذا الذنب كلما تذكرته بعد التوبة وتندمك عليه ..
ثالثاً : عزمك على عدم العودة إلى هذا الذنب أبدا بعد توبتك منه ، وأن تكره أن تعود إليه كما تكره أن تقذف في النار.
فإذا رأى الله تعالى منك الصدق في ذلك فإنه سبحانه وتعالى يشرح صدرك لفعل الخيرات وترك المنكرات وحب الصالحين بعد ذلك..
وتزيد الشروط شرطاً رابعا إذا كان الذنب بينك وبين الخلق كأن تأخذ من أحد مالاً بغير حق أو تظلم أحدا وما إلى ذلك فإن عليك حينها أن ترد إلى أصحاب الحقوق حقوقهم أو أن تستحلهم من ظلمك إياهم وتطلب البراءة منهم ولو أدى ذلك إلى بعض المشقة في البحث عنهم فإن تعب الدنيا أهون من تعب الآخرة…
وذكر بعض أهل العلم تفصيلات أخرى لشروط التوبة النصوح ، نسوقها مع بعض الأمثلة :
الأول : أن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر ، كعدم القدرة عليه أو على معاودته ، أو خوف كلام الناس مثلاً .
فلا يسمى تائباً من ترك الذنوب لأنها تؤثر على جاهه وسمعته بين الناس ، أو ربما طرد من وظيفته.
ولا يسمى تائباً من ترك الذنوب لحفظ صحته وقوته ، كمن ترك الزنا أو الفاحشة خشية الأمراض الفتاكة المعدية ، أو أنها تضعف جسمه وذاكرته .
ولا يسمى تائباً من ترك أخذ الرشوة لأنه خشي أن يكون معطيها من هيئة مكافحة الرشوة مثلاً .
ولا يسمى تائباً من ترك شرب الخمر وتعاطي المخدرات لإفلاسه .
وكذلك لا يسمى تائباً من عجز عن فعل معصية لأمر خارج عن إرادته ، كالكاذب إذا أصيب بشلل أفقده النطق ، أو الزاني إذا فقد القدرة على الجماع ، أو السارق إذا أصيب بحادث أفقده أطرافه ، بل لابد لمثل هذا من الندم والإقلاع عن تمني المعصية أو التأسف على فواتها ولمثل هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الندم توبة ).
الثاني : أن يستشعر قبح الذنب وضرره كما ذكرنا سابقاً. وهذه المعرفة لأضرار الذنوب تجعله يبتعد عن الذنوب بالكلية ، فإن بعض الناس قد يعدل عن معصية إلى معصية أخرى لأسباب منها : أن يعتقد أن وزنها أخف ،والشهوة فيها أقوى أو لأن ظروف هذه المعصية متيسرة أكثر من غيرها ، بخلاف المعصية التي تحتاج إلى إعداد وتجهيز .
الثالث : أن يبادر العبد إلى التوبة ، ولذلك فإن تأخير التوبة هو في حد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة . الرابع : أن يخشى على توبته من النقص ، ولا يجزم بأنها قد قبلت، فيركن إلى نفسه ويأمن مكر الله . الخامس : استدراك ما فات من حق الله إن كان ممكناً ، كإخراج الزكاة التي منعت في الماضي ولما فيها من حق الفقير كذلك . السادس : أن يفارق موضع المعصية إذا كان وجوده فيه قد يوقعه في المعصية مرة أخرى . السابع : أن يفارق من أعانه على المعصية وهذا والذي قبله من فوائد حديث قاتل المائة وسيأتي سياقه . والله يقول : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) الزخرف /67 . وقرناء السوء سيلعن بعضهم بعضاً يوم القيامة ، ولذلك عليك أيها التائب بمفارقتهم ونبذهم ومقاطعتهم والتحذير منهم إن عجزت عن دعوتهم ولا يستجرينك الشيطان فيزين لك العودة إليهم من باب دعوتهم وأنت تعلم أنك ضعيف لا تقاوم . وهناك حالات كثيرة رجع فيها أشخاص إلى المعصية بإعادة العلاقات مع قرناء الماضي . الثامن : إتلاف المحرمات الموجودة عنده مثل الخمور وآلات اللهو كالعود والمزمار ، أو الصور والأفلام المحرمة والقصص الماجنة والتماثيل ، وهكذا فينبغي تكسيرها وإتلافها أو التخلص منها بأي وسيلة .
التاسع : أن يختار من الرفقاء الصالحين من يعينه على نفسه ويكون بديلاً عن رفقاء السوء وأن يحرص على حلق الذكر ومجالس العلم ويملأ وقته بما يفيد حتى لا يجد الشيطان لديه فراغاً ليذكره بالماضي . العاشر : أن يعمد إلى البدن الذي رباه بالسحت فيصرف طاقته في طاعة الله ويتحرى الحلال حتى ينبت له لحم طيب . الحادي عشر : أن تكون التوبة قبل الغرغرة ، وقبل طلوع الشمس من مغربها : والغرغرة الصوت الذي يخرج من الحلق عند سحب الروح والمقصود أن تكون التوبة قبل القيامة الصغرى والكبرى لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من تاب إلى الله قبل أن يغرغر قبل الله منه ) رواه أحمد والترمذي وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ) رواه مسلم .
[/td][td width="2%"][/td]