قال ابن عمر - رضي الله عنه - سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : " إن الله يُدني المؤمن فيضع عليه كَنَفَه ويستُره فيقول: أتعرفُ ذنب كذا؟ أتعرفُ ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي ربِّ حتى إذا قرّره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال: سترتُها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيُعطى كتاب حسناته وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد " هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين " هود 18 .. الحديث متفق عليه
نعم ... فما منا إلا ويكلمه الله عز وجل ليس بينه وبينه ترجمان .. والدنو في الحديث
معناه الكرامة والإحسان وليس دنو المسافة فالله تعالى مُنزه عن المسافة وقربها ولذا قال " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب " البقرة 186 وقال " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ق 16 .. فالقرب قرب إجابة وقرب علم وقرب فضل وقرب إنعام وقرب مراقبة
وقال – صلى الله عليه وسلم – " ... إن الذي تدعون أقرب إلي أحدكم من عنق راحلته " متفق عليه
فلا مسافة بين العبد وربه .. فالله سامع دعاءك خبير بحالك لا يخفى عليه شيء فافتقر إليه واعتمد عليه واستحِ من أن تسأل غيره وهو أقرب إليك
" فيضع عليه كَنَفَه " أي ستره وعفوه والعبد يظن أن الكل يراه ويسمعه فإذا مرت حسنة ابيض وجهه وإذا مرت سيئة اسود وجهه ولا يرى الخلائق من هذا شيئا
وقال الغزالي : إنما يغفر الله تعالى ويستر على عبد مؤمن ستر على الناس عيوبهم ولم يحرك لسانه بذكر مساوئهم ولم يذكرهم في غيبتهم بما يكرهون فهذا جدير بأن يجازى بمثله يوم القيامة
وهذا يؤيده قول النبي – صلى الله عليه وسلم – " من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة " صحيح مسلم
" فيُعطى كتاب حسناته " وهي صحيفة وسجل أعماله الصالحة وحينها يسجد العبد ويراه كل الخلائق حتى ينادوا طوبى لهذا العبد الذي لم يعص ربه قط وهم لا يدرون ما لقي فيما بينه وبين الله تعالى
" وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد " هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين " والكافر والمنافق يعرضان على الله تعالى فيعاتبه ربه ما غرك بي ؟ .... ويقر العبد بمساوئه ويجعل الله تعالى من سمعه وبصره وأعضائه شهودا عليه .. والأشهاد هم الملائكة الحفظة كما قال مجاهد في تفسير الطبري وقيل الأنبياء والرسل وقيل الخلائق جميعا ...
" ألا لعنة الله على الظالمين " دعاء من الله عز وجل بالإبعاد والسخط من رحمة الله على الذين وضعوا العبادة في غير موضعها
وفي حديث آخر في رحمة الله بعباده المؤمنين يوم القيامة
عن أبي ذر – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال " إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها : رجل يؤتى به يوم القيامة . فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها فتُعرض عليه صغار ذنوبه فيقال عمِلتَ يوم كذا وكذا كذا وكذا . وعمِلتَ يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول: نعم لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تُعرض عليه فيقال له: فإن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول: ربِّ ! قد عمِلتُ أشياءً لا أراها ها هنا "
قال أبو ذر: فلقد رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ضَحِك حتى بدت نواجذه