مقارنة بين دولة العباسيين ودولة الأمويين
جاء في أطلس تاريخ الإسلام
(ص 51): "إن الدولة العباسية لو تنبهت إلى حقيقة وظيفتها كدولة إسلامية،
وهي نشر الإسلام لا مجرد المحافظة عليه كما وجدته، لو أنها قامت برسالتها
وأدخلت كل الترك والمغول في الإسلام، لأدت للإسلام والحضارة الإنسانية
أجَلَّ الخدمات، ولغيّرت صفحات التاريخ. وهكذا تكون الدولة العباسية قد
خذلت الإسلام في الشرق والغرب. فهي في الشرق لم تتقدم وتُدخل كل الأتراك
والمغول في الإسلام، كما تمكنت الدولة الأموية من إدخال الإيرانيين ومعظم
الأتراك في الإسلام وفتحت أبواب الهند لهذا الدين. وفي الغرب قعدت الدولة
العباسية عن فتح القسطنطينية. ولو أنها فعلت ذلك لدخل أجناس الصقالبة
والخزر والبلغار الأتراك في الإسلام تبعاً لذلك، إذ لم تكن قد بقيت أمام
هذه الأجناس العظيمة أية ديانة سماوية أخرى يدخلونها. وهنا ندرك الفرق
الجسيم بين الدولة الأموية والدولة العباسية. فالأولى أوسعت للإسلام
مكاناً في معظم أراضي الدولة البيزنطية، وأدخلت أجناس البربر جميعاً في
الإسلام، ثم انتزعت شبه جزيرة أيبريا (الأندلس) من القوط الغربيين، ثم
اقتحمت على الفرنجة والبرغنديين
لمحات من التاريخ العباسي
تولت
حكم الدولة العربية الإسلامية (750-1258). بدأت الدعوة العباسية عام 718
تحت زعامة محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ثم ابنه إبراهيم الإمام الذي
أسند إلى أبي مسلم الخراساني مهمة قيادة الدعوة في خراسان. أعلن أبو مسلم
الثورة على الأمويين عام 747، بعد ثلاث سنوات انتصر العباسيون وأسروا
مروان بن محمد ، آخر الخلفاء الأمويين. وقعت المعركة الفاصلة بين
العباسيين والأمويين في على ضفة الزاب الكبير، وكانت الغلبة للعباسيين،
الذين استهلوا عهدهم بملاحقة بقاياالأمويين ، ففر منهم عبد الرحمن الداخل
ليؤسس دولة أموية مستقلة في الأندلس. كان أول خلفائهم أبو العباس (الملقب
بالسفاح)، خلفه أخوه أبو جعفر المنصور، الذي بنى مدينة بغداد في العراق ،
ونقل إليها عاصمة الخلافة الإسلامية من دمشق ، وأخمد الثورات التي قامت ضد
العباسيين في بلاد فارس.
لم يلقب أحدا من الخلفاء العباسيين
بالسفاح سوى أبو العباس عبدالله ولقب بذلك لكثرة بذله المال أي سفحه جاء
في معجم لسان العرب لابن منظور:
(ورجل سَفَّاحٌ، مِعْطاء
والسَّفَّاح: لقب عبد الله بن محمد أَوّل خليفة من بني العباس).وساد
اعتقاد لا لكثرة بذله المال مصدر له بأنه لقب بذلك لكثرة سفكه الدماء وهو
ماينافي سيرته التي جاءت في المصار التاريخية كتاريخ الإسلام للذهبي
وتاريخ الخلفاء للسيوطي وسير أعلام النبلاء وتاريخ ابن خلدون وغيرها من
المصادر العلمية قال السيوطي في تاريخ الخلفاء في ترجمته للسفاح: أخرج
أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يقال له السفاح
فيكون إعطاؤه المال حثياً".
قال الصولي: وكان السفاح أسخى الناس ما
وعد عدة فأخرها عن وقتها ولا قام من مجلسه حتى يقضيه وقال له عبد الله بن
حسن مرة سمعت بألف ألف درهم وما رأيتها قط فأمر بها فأحضرت وأمر بحملها
معه إلى منزله.
. أحدث قيام الدولة العباسية تغيرات اقتصادية
واجتماعية وسياسية كبيرة: إذ كان الأمويون قد اعتمدوا على دعم القبائل
العربية وعملوا على ترسيخ مبادىء الاسلام في البلاد التي فتحوها وازهرت
العلوم في العصر الاموي، فإن العباسيين اعتمدوا على الأعاجم (الموالي)
الذين صاروا يتولون أعلى المناصب في الدولة، وصار للعناصر التركية
والفارسية دور كبير في الجيش والوزارات.
بلغت الدولة العباسية أوج
ازدهارها في عهد الخليفة هارون الرشيد. ففي عهدهما بلغت بغداد أوج عمرانها
وسيطرتها على أجزاء الدولة المترامية من تونس إلى شرق أفغانستان. كما
توغلت الجيوش العباسية في آسيا الصغرى واضطر الإمبراطور البيزنطي لدفع
الجزية حتى عن شخصه. كانت خلافة المعتصم (842-847) نقطة تحول أخرى، فقد
اعتمد بشكل كبير على العناصر التركية في الجيش، ونقل عاصمة الدولة إلى
سامراء.
في نهاية القرن التاسع الميلادي، بدأ الخلفاء العباسيون
يفقدون سيطرتهم على البلاد، مع تزايد نفوذ الموالي ونفوذ الولاة وحكام
المدن والمناطق. وبدأت الدولة بالانهيار فانفصلت عنها عدة دويلات كالدولة
الإخشيدية، والطولونية (مصر) و العبيدية (شمال أفريقيا) والطاهرية
(خراسان) والصفارية والزيدية العلوية (بلاد فارس وما وراء النهر). باتت
سلطات الخليفة العباسي لا تتعدى حدود بغداد تقريباً، ووصلت إلى نهايتها
عندما دخلت جيوش المغول بقيادة هولاكو بغداد، فأحرقتها ودمرتها وقتلت
الخليفة المستعصم عام الموافق 656-1258.