مصرى أصيل مشرف منتدى صحافة عامة
الإسم : محمود فتحى ..أبو سما الإقامة : منية سندوب نقاط التميز : 485 عدد المشاركات : 205 العمر : 45 تاريخ التسجيل : 08/02/2010
| موضوع: الأغلبية الشريفة والقلة المنحرفة الثلاثاء 29 يونيو 2010, 2:36 pm | |
| نحن نعرف كما تقول لنا الصحف كل يوم وكما يقول التليفزيون أيضاً أن في مصر القاعدة العريضة بخير والأغلبية محترمة شريفة ناصعة البياض، أما الجانحون المنحرفون فهم قلة أو شرذمة ضئيلة لا يؤبه لها و يسهل دائماً محاصرتها والقضاء عليها لننعم بعد ذلك بالحياة الجميلة مع الأغلبية الشريفة.
صحيح أن هناك من المواطنين من يزعم أن الفساد انتشر حتي غطي الحياة كلها في البلد وأن المرء لا يستطيع إنهاء مصلحة بغير تفتيح مخ ودفع رشوة، ولكن هذا النوع من المواطنين يمكن أن تقول إنهم من النوع الفقري الذي لا يحلو له الخروج لقضاء مصالحه إلا في الأيام التي تكون فيها الأغلبية الشريفة في إجازة ولا ينتظر أبداً حتي تعود ليري بنفسه كيف تكون الخدمات علي أصولها!.
نفس الأمر ينطبق علي المواطنين الذين يكثرون من الافتراء علي رجال الشرطة واتهامهم بشتي الاتهامات رغم أن من بينهم بشراً من أحسن الناس إخلاصاً للمهنة وخدمة للوطن وتفانياً في أداء الواجب وهذه شهادة لا ينكرها إلا جاحد.. ومع ذلك فإن كثيراً من المواطنين الذين يسوقهم حظهم للمرور بالكمين الليلي فيتعرضون للغباوة في المعاملة وغلظة القلب والخشونة اللفظية لا يعترفون أبداً بأن سوء الحظ قد يكون له دخل بالموضوع ويستسهلون إلقاء اللوم علي رجال الكمين متناسين أنهم مروا في الوقت الذي كانت فيه الأغلبية المحترمة من الضباط والمخبرين ما بين إجازة سنوية أو إجازة عارضة أو غياب بدون إذن، الأمر الذي أوقعهم في يد القلة التي لا تراعي ربنا ولا تخشي عقاب القانون.
ومثلهم بالضبط من يريد عمل رخصة قيادة بعد أن قضي عدة شهور في مدرسة لتعليم قيادة السيارات واستعد جيداً للامتحان ومن ثم يتوجه لإدارة المرور ليفاجأ بأناس يؤدون اختبار القيادة وقد قاموا بإسقاط كل الأقماع في اتجاههم للأمام ثم هرسوا الأقماع أثناء عودتهم للخلف ومع ذلك يحصلون علي الرخصة أمام عينيه وينطلقون بالسيارات في المدينة!..هذا المواطن علي الأغلب سوف يستسهل إلقاء اللوم علي حالة الضياع التي أغرقت الوطن، خاصة لو كان يري هذا المنظر يتكرر في كل مرة يزور فيها إدارة المرور، لكن النظرة المتأنية قد تكشف للمواطن أن الأمر لا يعدو أن يكون مصادفة سيئة هي التي تجعله يتخير أياماً غير مناسبة تكون فيها الأغلبية العارفة للأصول والملتزمة بأداء الواجب خارج ساعات العمل الرسمية أو خرجت للتو وستعود بعد قليل..لكن قلة الصبر تجعل المواطن لا ينتظر فيضطر للتعامل مع القلة الجانحة.
الأمر عينه يحدث للمواطن إذا احتاج للمستشفي بعد منتصف الليل ويحدث له أيضاً إذا احتاج نفس المستشفي في عز النهار، فعادة ما يجد ممرضين بلا قلب وأطباء يكرهون المرضي.. وقد تصور له نفسه المفترية أن الطب راح في التسونامي والتمريض مات وشبع موتاً دون أن يحاول اختبار فرضية أن العيب قد يكون في الظروف التي جعلته يمرض في وقت الأجازة السنوية للأغلبية الشريفة.
ومثلهم من ينتظر الإسعاف أو يطلب المطافئ أو يريد عمل محضر أو ينهي إجراءات صرف المعاش أو يريد تنظيم مظاهرة أو استخراج شهادة ميلاد أو تسجيل قطعة أرض أو الحصول علي قرض أو ركوب تاكسي أو الإبلاغ عن جريمة أو طلب سباك أو شراء بطيخة..كل هؤلاء لا يكلف الواحد منهم نفسه أن يستيقظ مبكراً ليلحق أفراد الأغلبية المحترمة التي تؤدي الواجب بشرف ثم ترحل سريعاً..سريعاً لدرجة لم تجعل أحداً ممن أعرفهم علي الأقل يحظي بشرف لقائها!.
اسامه غريب جريدة الدستور
| |
|