أبو كريم منياوى على حق
نقاط التميز : 5196 عدد المشاركات : 1638 العمر : 49 العمل : مدرس لغة عربية تاريخ التسجيل : 05/09/2008
| موضوع: محمد سعيد محفوظ يكتب: حاكموه قبل أن يموت الجمعة 18 فبراير 2011, 9:57 pm | |
| مبارك الوقت ليس في صالحنا يا سادة.. الرجل يحتضر، والأنباء تتحدث بقلق عن صحته، واستسلامه للمرض، ورفضه العلاج.. سيموت الرئيس المخلوع، وينفد بجلده، دون أن يحاسب على جرائمه، ويشفى صدور الملايين من ضحاياه.. فلماذا لا يبادر أحد المحامين أو الناشطين المخضرمين بالتقدم إلى النائب العام ببلاغ ضده هو وأفراد أسرته، للتحقيق معهم، مثلما يجري الآن مع حارسه الشخصي حبيب العادلي..
بالفعل لا نريد لمبارك أن يرحل دون أن يحاكم.. ولماذا نتركه وهو السبب في كل الخراب الذي حل بالبلد خلال ثلاثين عاماً؟ لماذا نتجاوب مع دعوات تكريمه، ومعاملته كرئيس سابق؟ بأي حق نتعاطف معه، ونلتمس له الأعذار، وننظر إليه بعين الرأفة، والاحترام، والتوقير؟ بأي مبرر نسمع كل يوم أخباراً عن ثروته التي دفنها في سابع أرض، والمليارات وسبائك الذهب التي أخفاها في المريخ، ثم نمصمص شفاهنا، ونشتمه وندعو الله بألا يبارك له في هذه المليارات، وأن تقف في زوره، ولا يهنأ بها.. ونكتفي بذلك، دون اتخاذ خطوة حقيقية في ملاحقته قضائياً؟
لا يجب محاسبة مبارك على ما سرق من قوتنا وأرزاقنا وحسب، وإنما على آلاف الأبرياء الذين قتلوا وعذبوا في سجونه.. يجب أن يقف مبارك ذليلاً أمام النائب العام، ليتحمل مسؤوليته عن هذه الوحشية والفاشية والسادية.. عليه أن يجرب طعم المساءلة، ويشم رائحة غرف التحقيق، ويشعر بالقلق على مصيره.. لقد نقع مبارك الشعب المصري في كابوس مروع طيلة ثلاثة عقود، ولا ينبغي أن نبخل على هذا الشعب بتلك اللحظات الفريدة، التي يرى فيها من ظلمه في قفص الاتهام، مطأطىء الرأس والأذنين، مجبراً على قول الحقيقة، وأن يسعى الشعب لاسترداد حقوقه منه، وعقابه على ظلمه وفساده..
حاكموه بالعدل.. أمام محكمة مدنية، وليس عسكرية كما اعتاد هو أن يحاكم معارضيه.. وفقاً للقوانين العادية وليس الاستثنائية والعرفية، كما حكمنا من اليوم الأول لتوليه الرئاسة.. حاكموه على يد قضاة مستقلين، وليسوا منحازين وخاضعين للسلطة التنفيذية، ويتلقون الأوامر بالتليفون.. حاكموه بالعقل وليس بالقلب، فالرئيس موظف، والموظف يجب أن يخضع للحساب، بغض النظر عن سنه، وسيرته الذاتية، وبطولاته قبل أربعين عاماً..
لا أعرف بصراحة، بأي حق يخرج الرجل من قصر الرئاسة مطروداً، ليجلس على الشاطىء في شرم الشيخ، يستمتع بالشمس والهواء، وكأن شيئاً لم يكن.. كما لو أننا منحناه إجازة، ولم نجبره على التنحي.. نتداول أخبار فساده وثرواته الهائلة، جنباً إلى جنب مع أخبار صحته المتدهورة، وإصراره على البقاء في المنتجع الساحلي للاستفادة من جوه الصحي، ولا تحرك هذه الأخبار أي هيئة قضائية رسمية لاستدعائه والتحقيق معه قبل أن يموت.. دماء الشهداء ما زالت ساخنة في ميدان التحرير، ومن أصدر الأوامر بقتلهم يحظى بالحماية، والتكريم، ومعاملة الرؤساء..
إن مبارك انتقل من قصر إلى قصر، وفلول نظامه ما زالوا يبسطون نفوذهم على المؤسسات الحيوية في البلد، وعدد من أخضعوا للتحقيقات يشكل نقطة في بحر الفاسدين، الذين نعلم جيداً أنهم يمرحون الآن في فضاء الحرية، ويشترون بأموالنا الطائرات الخاصة والقصور المحصنة، ويدفعون منها لإخراس الهيئات الرقابية، التي تتلكأ في إمداد النائب العام بتفاصيل ثروات الرئيس السابق ومعاونيه..
ثورة يعني ثورة.. ثورة على الفساد تطيح بكل الفاسدين، وليس مجموعة رمزية لذر الرماد في العيون، وتظل بقية العصابة طليقة، تأخذ حمام شمس في شرم الشيخ.. | |
|