بدء إلقاء التحيّة على الكافر
هل يجوز للمسلم أن يحي غير المسلم أولاً ؟. الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن حكم السلام على غير المسلمين ، فأجاب بقوله :
البدء بالسلام على غير المسلمين محرّم ولا يجوز ، لأن النبي
قال : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتموهم في طريق
فاضطروهم إلى أضيقه ) ، ولكنهم إذا سلموا وجب علينا أن نردّ عليهم ، لعموم
قوله تعالى : ( وإذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها ) ، وكان
اليهود يسلّمون على النبي
، فيقولون : السام عليك يا محمد ، والسام بمعنى الموت . يدعون على رسول الله
بالموت ، فقال النبي
: ( إن اليهود يقولون : السام عليكم فإذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم "
فإذا سلّم غير المسلم على المسلم وقال : " السام عليكم " فإننا نقول : وعليكم " . وفي قوله
" وعليكم " دليل على أنهم إذا كانوا قد قالوا : السلام عليكم فإن عليهم
السلام فكما قالوا نقول لهم ، ولهذا قال بعض أهل العلم : إن اليهودي أو
النصراني أو غيرهم من غير المسلمين إذا قالوا بلفظ صريح : " السلام عليكم
" جاز أن نقول : عليكم السلام .
ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن في ذلك
إكراماً لهم وتعظيماً لهم ، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم
مثل ما يقولون ، لأن السلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن المعلوم
أن المسلمين أعلى مكانة ومرتبة عند الله عز وجل ـ فلا ينبغي أن يذلوا
أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام .
إذا فنقول في خلاصة الجواب : لا يجوز أن يبدأ غير المسلمين بالسلام لأن النبي
نهى عن ذلك ، ولأن في هذا إذلالاً للمسلم حيث يبدأ بتعظيم غير المسلم ،
والمسلم أعلى مرتبة عند الله ـ عز وجل ـ فلا ينبغي أن يذلّ نفسه في هذا .
أما إذا سلّموا علينا فإننا نرد عليهم مثل ما سلّموا .
وكذلك أيضاً لا يجوز أن نبدأهم بالتحيّة مثل أهلاً وسهلاً ومرحباً وما أشبه ذلك لما في ذلك من تعظيهم فهو كابتداء السلام عليهم "
( مجموع الفتاوى 3/33)
وإذا كانت هناك حاجة داعية إلى بدء الكافر بالتحية فلا حرج فيها حينئذٍِ ،
ولتكن بغير السلام ، كما لو قال له : أهلاً وسهلاً أو كيف حالك ونحو ذلك .
لأن التحية حينئذ لأجل الحاجة لا لتعظيمه .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (25/168) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (2/424) في ابتداء الكفار بالتحية :
( و قالت طائفة - أي من العلماء - : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة
تكون إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك ) اهـ
.
والله أعلم .
موقع الاسلام سؤال وجواب